تبادلوا الحديث مع أطفالكم مهما كانوا صغارا
التعرف على التطور النفسي والاجتماعي والعاطفي لدى الطفل الصغير منذ ولادته وحتى ما قبل مرحلة المراهقة، يساعدنا في فهم وتفسير سلوكيات الأطفال.
في كتابها "الصحة النفسية للطفل" توضح الدكتورة منال القاضي أستاذ الطب النفسي والعصبي والمتخصصة فى أمراض الطفولة، أنه خلال العام الأول يمر الطفل بعدة تطورات وتغيرات متداخلة، حيث يبدأ الصغير مع نهاية شهره الأول فى الانتباه لحركة وجه أبويه ويبتسم الطفل دون سبب، ومع الشهر الثاني يبدأ يعبر عن شعوره بالسعادة والرضا، بينما مع نهاية الشهر الرابع يعبر بالابتسام عن سعادته استجابة لمؤثر خارجي.
ويعكر مزاج الصغير فى شهوره الأولى الشعور بالجوع أو الألم، وفى الشهر الرابع يبدأ فى التعبير عن غضبه أو عصبيته، بينما بعد إتمام الشهر السادس تبدأ العوامل الخارجية فى التأثير على الحالة المزاجية له، وفى الشهر التاسع يكون الصغير على صلة واضحة بأمه، وقد يظهر عليه أحيانا الإحساس بالحزن أو الاكتئاب، ويتجلى هذا الأمر خاصة إذا كان محروما من أمه أو يفتقد رعايتها وحبها وحنانها ووجودها بجواره، حسب ما ورد بصحيفة "الجمهورية" المصرية.
في العام الثاني يكون الطفل على معرفة وتواصل بالمحيطين به، ويتكون لديه حب الاستطلاع للبيئة المحيطة، لذا يجب الانتباه له جيدا. كما يظهر سعادة كبيرة كلما تعلم شيئا جديدا. وتنمو مشاعره ويعبر عنها بوضوح سواء بالابتسام والضحك أو البكاء والضرب والركل عند الغضب أو الرفض. كما يدرك بعض ما هو محبب لوالديه وما هو مرفوض.
ومن العام الثالث وحتى العام الخامس فى مرحلة ما قبل المدرسة.. ينمو البناء النفسي والعاطفي لدى الطفل ويتطور سريعا، حيث يبدأ فى التعبير عن مشاعر معقدة مثل الغيرة والتعاسة والانطواء وعدم الحب بالإضافة إلى الخجل والإهانة والعصبية. كما يصبح على دراية بالفروق ما بين الجنسين ويظهر هذا فى اختياره التلقائي لأصدقائه وفى ألعابه. ويميز الطفل الفرق بين الصحيح والخطأ حيث يتكون لديه فى نهاية هذه المرحلة الضمير. لذا فالمتابعة النفسية والتربوية والفكرية والمعرفية هامة جدا فى هذه المرحلة.
وهناك عادات عصبية شائعة تصيب العديد من الأطفال الصغار، وينزعج منها الأبوان، وقد يحتار الكثيرون فى كيفية التعامل معها. ولكنها فى الواقع على الرغم من تنوعها أو اختلاف أشكالها إلا إنها تعبر عن شعور واحد بالعصبية والانفعال الزائد. لذا فالتعامل الأمثل معها يكون تقريبا متشابها ولا داعى للقلق الزائد منها. حيث إن أغلب هذه العادات تتوقف من تلقاء نفسها بعد فترة مع نمو الطفل وزيادة وعيه وفهمه وإدراكه للسلوك الاجتماعي السليم. ولكن على الوالدين عدم لفت انتباه الطفل إليها، منعا لاستمرارها سواء بسبب عند الطفل معهما أو لزيادة عصبيته لفشله فى التوقف عنها سريعا لإرضائهما.
وبالتالي يجب عدم معاقبة الصغير عليها، فهذه العادة تتم دون وعى منه، لذا يمكنك تقديم النصيحة له فيما بعد فى وقت لطيف يجمعكما وبشكل عام غير مباشر وغير موجه إلى شخصه نفسه، ومدحه عندما ينتقد هذه العادات ويرفضها. بينما عند رؤيته يمارس إحدى هذه العادات السيئة فالحل هنا أن تطلب منه شيئا مثل أن يحمل الكرة إلى الداخل أو أن يأتى لك بكوب من الماء أو الحديث معه وحمله للفرجة من الشباك. ويبقى الحل الأهم وهو ضرورة أن نتبادل الحديث مع أطفالنا مهما كانوا صغارا، وأن نعبر لهم عن مشاعر الحب والاهتمام والتقدير، ومشاركتهم اللعب المفيد لتفريغ طاقاتهم والتخلص من مشاعر الوحدة والانطوائية والملل والضجر والخوف والخجل، وإمدادهم بالثقة فى النفس والثناء على انجازاتهم الصغيرة وآرائهم الخاصة.