violet Admin
عدد المساهمات : 251 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 29 الموقع : nedroma.1fr1.net
| موضوع: عذرا ابن باديس للمرة.. السبعين السبت أبريل 17, 2010 6:34 pm | |
| "لا تندهش إذا شاهدت زهرة متفتحة في حديقة يانعة، ولكن عليك أن تسأل عن معجزة وجود زهرة في صحراء قاحلة".. هذا ما قاله الراحل محمد الغزالي وهو يذهل لسيرة العظيم عبد الحميد بن باديس الذي أزهر وأينع في صحراء الاستعمار الفرنسي وصحراء التخلف والطرقية، فتجاهله العالم الإسلامي وتجاهلناه نحن أيضا، وذكرنا بالمقابل من أينعوا وسط نهضة حاصرتهم بالعلماء على يمينهم وبالعلماء أيضا على يسارهم..
هل نطلب بعد هذا العذر من ابن باديس أم نطلبه من أنفسنا؟ فقد ذكّر الشيخ ابن باديس في كتاباته ومحاضراته بعلماء الجزائر السابقين مثل عبد الحليم بن سماية والشيخ الطاهر الجزائري ولكن ذكراه لم تنفعنا، وقدّم لنا فتاوى مازالت صالحة لعصرنا عن الفن وطرق منع الحمل وقانون الأسرة، ولكننا رميناها وبحثنا عن الفتاوى من فضائيات الفتنة والجاهلية المعاصرة، وحارب بسلاح العلم الطرقية والشعوذة حتى نسفها من جذورها، ولكننا أعدناها حتى صار لكل عائلة عرّاف أو دجال باسم الرقية الشرعية.. وكان الوحيد الذي شقّ كل المدن والمداشر، فوجد أم البواقي وبجاية وغيرهما من دون مساجد، فأسّس للعلم وأسّس بعدها للهياكل.. ولم يكن يجد حرجا عندما يراسل الحكومة الاستعمارية أو زملاءه في المشرق ومنهم شيخ الأزهر في أن يضع مع الإمضاء الشيخ ابن باديس السلفي، فقد كان سلفيا خالصا، فرمينا سلفيته واستوردنا سلفية الخليج وأفغانستان، وخصّ الصلاة على آل البيت بثلاث وثلاثين صفحة، فكان لا يصلّي على رسول الله إلا وصلّى على آله فكان شيعيا لمحمد ولعلي ولأطهر خلق الله فرمينا شيعيته واستوردنا شيعية الصفويين المكفّرين لعامة المسلمين. ابن باديس كان أمة ودولة وحضارة باعتراف المفكر مالك بن نبي الذي كتب بعد ستة وعشرين عاما عن رحيل العلامة قائلا: "لقد كان ابن باديس مناضلا مفحما، ومربيا بنّاء، ومؤمنا متحمسا، وصوفيا والها، ومجتهدا يرجع إلى أصول الإيمان المذهبية". ومع ذلك رمينا المفكر والعلامة وابتغينا أفكارا أخرى ومذاهب أخرى. عذرا ابن باديس فقد أفنيت العمر كله من أجل تأسيس المدرسة والدولة الصحيحة، ونرفض الآن أن نفني دقيقة واحدة في تطبيق نهجك التعليمي ونهجك السياسي. عذرا ابن باديس فقد أسّست للصحافة العربية الهادفة في جرائد النجاح والمنتقد والشهاب وتعرضت لمحاولة الاغتيال بسبب مقالاتك، ونرفض الآن أن نساير ما قدمته لنا فيتلوّن إعلامنا بالصفار ولا يصطبغ باحمرار الوجه والأسطر والصفحات خجلا من تجاهل إعلامك الهادف. عذرا ابن باديس فقد مرت سبعون سنة وكلنا نعلم أن الإجهاد هو الذي قتلك، لأنك كنت تقدم في اليوم الواحد خمسة دروس للوافدين إليك من كل الجزائر، فقد قتلك الجهل حين حاولت قتله، ولكنه ليس كجهل النسيان الذي قتلناك به سبعين عاما.. عذرا ابن باديس.. بل أرجوك أن لا تعذرنا، لأن الذي يقتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا، فما بالك أن يقتل أمة بحجم ابن باديس. | |
|